الوقف من السنن التي شرعها لنا الإسلام و حث عليها كالصدقة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً بالله وتصديقاً بوعده، فإن شبعه وريه، وروثه ، وبوله في ميزانه يوم القيامة) رواه البخاري إلا أن الوقف يختلف عن الصدقة في أن الصدقة ينتهي عطاؤها بإنفاقها ، أما الوقف فيستمر العين المحبوس في الإنفاق في أوجه الخير حتى بعد الممات ، وقد أوقف رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه رضي الله عنهم المساجد والأراضي والآبار والحدائق والنخيل ، ولا يزال الناس يقفون من أموالهم إلى يومهم هذا.
أصل الوقف في الإسلام/ الوقف تشريع إسلامي شرعه رسول الله ﷺ ورغب فيه، ومعناه إيقاف مبلغ معين يستثمر أصل هذا المبلغ في مشاريع استثمارية (عقارات ـ مصانع ـ مزارع ….) وينفق من ريع هذه الاستثمارات في أوجه الخير المختلفة، وبذلك يكون أصل المبلغ محفوظا مدى الحياة وبعد الممات، والى أن يشاء الله تعالى والانفاق في أوجه الخير يكون من الريع العائد من استثمار أصل المبلغ.
أول من أوقف في الإسلام/ الفاروق عمر رضي الله عنه كان أول من أوقف في الإسلام، ثم توالت من بعده الأوقاف حيث أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب قال:
(يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بخَيْبَرَ، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هو أَنْفَسُ عِندِي منه، فَما تَأْمُرُنِي بهِ؟ قالَ: إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بهَا، قالَ: فَتَصَدَّقَ بهَا عُمَرُ، أنَّهُ لا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُبْتَاعُ، وَلَا يُورَثُ، وَلَا يُوهَبُ، قالَ: فَتَصَدَّقَ عُمَرُ في الفُقَرَاءِ، وفي القُرْبَى، وفي الرِّقَابِ، وفي سَبيلِ اللهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ، لا جُنَاحَ علَى مَن وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ منها بالمَعروفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غيرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ) متفق عليه
ومعنى غير متمول: أي غير متخذ منها ملكا لنفسه ، وهذا الحديث دليل شرعي من السنة المطهرة على مشروعية الوقف في الإسلام بخلاف نصوص القرآن الكريم الدالة على ذلك.
وفي ذلك قال الصحابي الجليل جابر بن عبدالله رضي الله عنه: ما بقي أحد من أصحاب النبيﷺ له مقدرة إلا أوقف ، ومن هذه الأدلة وغيرها يتضح مكانة الوقف في الإسلام وأنه من القربات المندوبة التي حبب الإسلام فيها.